+
----
-
نظرات ... همسات ... كلمات ... معلقة بوريقة صغيرة في عرض البحر تتقاذفها الآمواج ... وأعاصير شديدة ... ورياح حملتها قسوة الآنتظار لميناء بعيد جدا ...
غيوم ملبدة بسماء حجبت نور نجمة الآمل ... ونيران بدخان شكلت سحابة هائلة تجاوزت حدود الآفق المعهود ...
وبسمة منيرة بضياء الوفاء ... قالت للبحر : رأفة بتلك الوريقة الغالية بذكريات الحنين والشوق ... وقالت لآمواج البحر : يا موج البحر كن لينا رحيما رؤوفا ... خجلت العواصف من غضبها ... وتجولت لنسمات هادئة كتلك النسمات في شهر تموز ... تحمل الحب والبراد رغم الشمس الحارقة المتأججة حرا ...
أجاب البحر ساخرا هائجا : سأطمس البسمة وأزرع شلال من الدموع المالحة ... ما دام للشوق وجود ... وللمشاعر مساحة من البوح والخلود ...
أجابت البسمة بحيرة : لماذا ...!!!
قال البحر تعودت أن أخذ الغالي والرخيص ... ولن أقبل بمثل هذا الوجدان في مياهي ...
ابتسمت البسمة بعلياء وقالت : مسكين أنت أيها البحر ... تعتقد أنك تأخذ ... علما أن عطائك وجمالك وهدوئك ... أكثر من غضبك ...
وانسحبت البسمة بهدوء وقالت : أيها البحر ... قد تأخذ الجسد ... قد تغرق الوريقة في أعماقك ... ولكنك ستبقى عاجزا عن الوصول لسر جمال الروح ... ودفئ القلوب ...
وقالت البسمة بضياء من حقيبة الذكريات : حسنا أيها البحر ... أني أعلم أن أمواجك تصل لكل ميناء من المشرق للمغرب ... ولكن كل على ثقة هناك واحات سماوية بعيدة تحمل صدق معاني الوفاء وشفافية الآمل بتلك السماء ... وصدقني أيها البحر ... لا أنت ولا تلك الغيوم ... أو سحابة الدخان ستمنع وصول نور النجوم الى قلوب السماء ...
وقفت البسمة بنظرة حزينة وقالت : سأعيش ... وسأبقى ... وسأحفظ عهدي ... وسأتمنى السعادة للجميع في جميع موانئك ... ولكن أيها البحر اعلم : هناك عبير في مكان واحد دائما ... لآنسان واحد ... لا يكترث لك ... لا يكترث لكثرة كنوزك ودررك ...
قد تغيب البسمة ... ولكن شعاعها سيصل ... رغم براكين الدنيا وأعاصير الحياة ... أيها البحر : لا تعتقد أن جميع البشر معدن واحد ... هناك من يعرف معاني العهد والوفاء ... بلا أنانية أو رغبة في التملك أو الآبتلاع ...
حملت البسمة حقائبها وطارت بجناحي القلب والروح ... لتلك الواحة السماوية .... بعيدا عن ( هبل ) البشر ... وكذبهم ونفاقهم .... وقالت للبحر وهي محلقة : مبروك عليك يا بحر عالم الفطاحل والاذكياء الآغبياء من شاكلتك من البشر ...
ولا أعلم صدقا هل شباك الصياد من تصيد في البحر ... أم بحر الحياة بكل ما فيه يبتلع الصياد وشباكه