ظاهرة اللعن ظاهرة موجودة وبكثرة بين شبابنا وفتياتنا فتجدهم يلعنون صديقاً وزميلاً، بل حتى الجمادات لم تسلم من لعن بعضهم فصار اللعن على ألسنة الكثير منهم أمراً طبيعياً وما ذاك الا لعدم فقههم ولجهلهم العظيم في هذه القضية الخطيرة...
فاللعن معناه: الطرد والإبعاد من رحمة الله...
" إن من أكبر الكبائر ، أن يسُبَّ الرجُل والِد يه ، قيل وكيف يسُبّ والِدَيه ؟ قال : " يَسُبُّ أباَ الرجُل فيسُبُّ أباهُ وأمّه " [ متفق عليه ] .
أي إذا قلت لصديقك أو زميلك أو أحد غيرهما: الله يلعنك معنى ذلك: أنك تسأل الله أن سيطرده من رحمته ولما تقول له: يا ملعون: أي يا مطرود من رحمة الله وحكم هذا في الشرع حرام ومعنى حرام أي أن عليك اثما عظيما، قد يصل مقدار هذا الإثم مقداراً لم تكن تتوقعه ولم يخطر لك على بال
ففي الحديث المتفق عليه يقول النبي : « لعن المؤمن كقتله ».
بل قد تلعن إنساناً ثم تعود اللعنة لك شخصياً. وهذا متى؟ إذا كان هذا الإنسان الذي لعنت غير مستحق للعنة عند ذلك تكون متسبباً في لعن نفسك!
ففي الحديث يقول النبي : « إن العبد إذا لعن شيئا صعدت اللعنة إلى السماء، فتغلق أبواب السماء دونها ثم تهبط إلى الأرض، فتغلق أبوابها دونها ثم تأخذ يميناً وشمالاً فإذا لم تجد مساغاً- أي مدخلاً وطريقاً- رجعت إلى الذي لُعن فان كان أهلاً لذلك، وإلا رجعت إلى قائلها».
إن كان أهلا لذلك أي إذا كان من الذين يستحقون اللعن، وهم الذين لعنهم اله أو لعنهم رسوله إن كان من هؤلاء وإلا رجعت إلى مصدرها الأول ... فاحذر.
واللعن آفة من آفات اللسان ومن عادات ضعاف الإيمان ودليل ذلك أن النبي قال: « ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء».
ومن كان لعانا فإنه لا يشفع يوم القيامة لغيره ولا تقبل شهادته على غيره ففي الحديث الذي رواه مسلم أن النبي قال:
« لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة».
ولتدركون اخوتي خطورة اللعن تأمل القصة التالية: عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره وامرأة من الأنصار على ناقة فضجرت فلعنتها. فسمع ذلك رسول الله فقال: « خذوا ما عليها ودعوها، فإنها ملعونة». قال عمران فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يعرض لها أحد.
فشأن اللعن عظيم يجب على المسلم أن يحفظ لسانه منه. يقول النووي رحمه الله: اعلم أن لعن المسلم المصون حرام بإجماع المسلمين ولعن الإنسان المعين لا يجوز بحال لمن هو على قيد الحياة ، لكن من مات وهو كافر فهذا عليه لعنة الله ولا شك في ذلك .. ﴿ إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ﴾
ولايجوز لعن الكافر المعين .. لأن الكافر المعين ربما يسلم فيحسن إسلامه ، وينفع الله به ..
ويجوز لعن أصحاب الأوصاف المذمومة ويعمم في ذلك كقولك: لعن الله الظالمين، لعن الله الكافرين، لعن الله اليهود والنصارى،. ﴿ ألا لعنة الله على الظالمين ﴾
وهناك أصناف من الناس لعنهم الرسول عليه الصلاة والسلام منهم ::.. لعن الله آكل الربا وموكله وشاهده وكاتبه ,, لعن الله النامصة والمتنمصة ,, لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل ....... وغيــر ذلك مما ذكر في الأحاديث الصحيحه عن الرسول عليه الصلاة والسلام ,,
فاللسان نعمة عرف قدرها من خاف الله تعالى واتقاه ، وجلها من أعرض عن ربه ونسيه ، فاللسان سلاح ذو حدين ، من أحسن استخدامه ، واستغله في مرضاة الله تعالى وطاعته ، كان نجاة له يوم القيامة ، كالعلماء وطلبة العلم ، والخطباء والقراء والمحاضرين والمعلمين والدعاة إلى الله تعالى ، فأولئك كان سعيهم مشكوراً ، ومن كان غير ذلك فاستغل لسانه في غضب الله وسخطه ، كمن يغتاب الناس ويسبهم ويلعنهم ، ويعتدي عليهم بقوله ، ويهمز ويلمز ويستهزئ ، فأولئك كان عملهم مثبوراً والعياذ بالله .